Skip to content Skip to footer

كنت في العاشرة من عمري عندما سأل المعلم من يعرف الجواب؟

رفعت يدي بكل حماس وانا انتظر ان تقع عيناه علي.. وبالفعل اشار بإصبعه نحوي وقال طلال جاوب..

دفعت الكرسي أثناء وقوفي من فرط حماسي وقلت بصوتٍ عالي.. انه القلب يا استاذ.

رجع المعلم خطوة للوراء وقال بصوت جهوري، ايها الطلاب من لا يعرف الاجابة فليس عليه أن يختلق إجابة هل هذا مفهوم.. الإجابة خطأ.. اجلس.

شعرت بالدم يحتقن في وجهي، من شدة احراجي وجلست وانا اجر كرسيي الذي دفعته قبل دقيقه جراً..

 جلست ورأسي منحني على الطاولة وانا اردد في قلبي، ما كان علي أن ارفع يدي، ما كان علي ان ارفع يدي…

                                              •••

ما كان علي أن انسى فطوري في المنزل، لانه يعني أن اضطر لمغادرة الفصل في الفسحة  لأشتري فطوراً…

الايها الاشقر .. انت ايها الاشقر

التفت حمد نحو الصوت الذي اخترق سمعه وسط ضجيج الاولاد في الفسحه.

نعم انت ايها الاشقر.. لماذا لون شعرك مختلف هل انت فتاة وقاموا بإلحاقك في مدرسة الاولاد بالخطاْ.. وتعالت الضحكات من المجموعة الواقفة خلفه..

اراهن انه يلعب مع الفتيات في المنزل ويلبس فستاناً .. قال آخر..

لابد انه يقوم بوضع مساحيق التجميل وفرد شعره امام المرآة ويتباهى بجماله ايضاً.. هكذا انظروا.. وقام بالتمايل في مشيته مع تحريك يديه وتقليده لصوت انثى..

تطاير الشرار من عيني حمد وغلى الدم في عروقة واحكم قبضتيه يعصرهما بإنكسار ودمعةٌ عالقة تحرق جفنه، الى متى، الى متى.. يردد في قلبه..

                                              •••

الى متى يا ابي وانت تهينني امام ابناء عمومتي وإخوتي، هذا الوضغ لا يطاق..

اترفع صوتك علي ايها الولد العاق..

يوسف: لا ارفع صوتي، ولكني سئمت من اهانتك الدائمة لي امام الآخرين ومقارنتك بين فشلي ونجاح ابناء عمومتي، وكم كنت تتمنى لو ان احدهم كان ابنك وليس انا.

الأب: ولكن ذلك صحيح ايها الفاشل، انت في عمر ال30 ولم تكمل دراستك، ولا تستقر على وظيفة ومازلت اصرف عليك كأنك ولدٌ صغير.. متى ما اصبحت رجلاً وتحملت مسؤولية نفسك عندها فقط سوف اغير طريقة كلامي معك.. أسمعت ايها الفاشل..

خرج يوسف مسرعاً من البيت وكأن النار تستعر خلفه وصفق الباب بقوة..

جلس في السيارة ودموعه تنهمر على المقود.. كيف لي أن اصبح ناجحاً وانت لا تناديني الا بالفاشل.. قال بقلبه…

                                              •••

وقف المحقق وسط غرفة الاستجواب وقال: هل انت متأكد يا طلال من رغبتك بالاعتراف بهذه الاقوال..

طلال: نعم يا حضرة المحقق، فأنا كنت شاهداً على عمليات الاختلاس تلك، ولم احرك ساكناً، رأيتهم يتقاسمون الارباح ويضحكون ويخططون لكيفية صرف هذه الاموال دون أن يلاحظ أحد أن هناك خللاً في الميزانية.

المحقق: ولماذا لم تبدي اعتراضك، الا اذا كنت مشاركاً في هذا الاختلاس!

تنهد طلال وقال: نعم شاركت.

المحقق: عفواً!!

طلال:  شاركت بصمتي يا حضرة المحقق، شاركت بقلة حيلتي، وخوفي من قول الحق الذي كان سيكلفني وظيفتي..

ولكنني اليوم ارفض هذا الصمت… ارفضة هل تسمعني ارفضه..

اتكأ المحقق على الحائط وعقد يديه على صدره وقال بنبرة يشوبها الاستغراب: لماذا الآن ماذا حدث؟

طلال: لأني بكل بساطة خسرت..

المحقق: ما الذي خسرته؟

طلال: خسرت أبنائي، خسرت زوجتي وبيتي وأهلي وكل من أحببت بسبب صمتي.. خسرت نفسي…

عقدة الطفولة تلك كلفتني الكثير الكثير.. وقد حان الوقت لأكسب نفسي.

                                              •••

وهكذا أيها المتدربون نكون قد انتهينا من هذا البرنامج التدريبي الذي اتمنى ان يكون ذا نفعٍ لكم ودافعاً للتغير والانجاز.. شكراً لكم.

مرحباً ايها المدرب حمد، شكراً جزيلاً على هذا البرنامج الفريد، وأصدقك القول بأن حياتي تغيرت كثيراً منذ أن قررت أن ألتحق في برنامجك التدريبي.

حمد: يسعدني ذلك يا سيدتي، ففي النهاية هذا هو الهدف الذي اسعى اليه.

السيدة: هل لي أن أسال سؤلاً لا يتعلق بمحتوى البرنامج أيها الأستاذ؟

حمد: تفضلي.

السيدة: كيف يمكنني أن أكون واثقة بنفسي مثلك؟

ابتسم حمد وقال: الثقة تكتسب بالممارسة يا سيدتي، فأنا لم أولد هكذا.

                                              •••

كان ولداً طيباً.. وبكت بحرقة

الأب: رحمك الله يا ولدي، اتعبتنا بحياتك، وأخزيتنا بمماتك.

الأم: هذا ذنبك، لن اسامحك ما حييت، طفلي مات بجرعة زائدة بسبب مصاحبته لرفقاء السوء الذي وجدهم ملجأ له، بعدما جعلته ينفر من البيت ومن مخالطة أسرته.

الأب: هو فاشل ولا ذنب لي..

ثلاثة قلوب، اختلفت اوجاعها، تلونت بأحزانها، اختارت مصائرها.. فأيهم انت؟

Leave a comment

Go To Top